من منا لم يسمع عن الثورة المعلوماتية ؟
سابقا إذا أردت أن تحصل على المعلومات فما عليك إلا الذهاب إلى المكتبة فتقرأ كتابا، أو تستمع إلى محاضرة في الجامعات أو المساجد أو حواضر العلم في مختلف البلدان. لكن الوضع اليوم اختلف تماما.
مع انفجار المعلومات الهائل واتساع مصادرها وطرق الحصول عليها، أصبح الناس يسبحون في بحر هائج من المعلومات بمختلف أشكالها وتصنيفاتها فمنها الطبي والصيدلي والنفسي والإداري والمالي والشرعي والإخباري وغير ذلك من التصنيفات الكثيرة.
والمعلومات ليست كلها في مرتبة واحدة فمنها الغث والسمين، والقوي والضعيف، والصادق والكاذب، والناس بين هذا وهذا يسبحون فمنهم من يجيد السباحة فيعرف كيف يتعامل مع هذه المعلومات ويحسن استعمالها وتنقيحها، ومنهم الذي لا يجيد ذلك فالأمر عنده سيان فطالما أنه وجد المعلومة في جوجل فهي صحيحة.
والأعجب من ذلك حالة التخمة ووهم المعرفة التي تعترينا بعد يوم طويل من تصفح الانترنت، فنصبح محملين بخليط عجيب من فتات المعلومات المبعثرة في الانترنت.
وهذا ما يولد عقم في التفكير نتيجة للمعلومات المقتضبة والمغلوطة والمجتزأة والمختزلة، والتي بذورها تشكل وعينا وطريقة تفكيرنا.
وهناك سوق سوداء في الباب الخلفي للثورة المعلوماتية وهي سوق صناع المحتوى، من مشاهير، وقنوات، وصحف، وهذا السوق سترى فيه العجب، ستجد من المتصدرين مدلسين، كذابين، مشعوذين، مدمنين، بائعين للوهم، ومجرمين.
في الواقع أصبح كل فرد منا صانع للمحتوى ومستهلك له في نفس الوقت، فبدأ برسائل الواتس اب المنقولة وصولا لثريدات تويتر وبوستات انستقرام وسنابات فلان ومقاطع اليوتيوب ومقالات المواقع.
ومتى ما ضبطنا مدخلاتنا ومن نتابعهم بعناية، وفحصنا مانقوم بنشره للناس، نكون قد أغلقنا على أنفسنا بابا عظيما وتمتعنا براحة البال وتخلصنا من وجع الرأس الناتج عن سيل من المعلومات التي لا فائدة منها، وكذلك أرحنا من ننشر لهم معلوماتنا التي لا نعلم صحتها ومدى موثوقيتها.